Pages

Wednesday, March 7, 2012

تقرير المحكمة الدولية الخاصة بلبنان

التقرير السنوي الثالث 2011 - 2012
الموجز
ما تضطلع به المحكمة الخاصة بلبنان (المُشار إليها فيما يلي باسم "المحكمة") في نطاق اختصاصها من تحقيقٍ في أفعال مرتكبي الاعتداءات القاتلة التي وقعت في لبنان وملاحقةٍ لهم يشكل استجابة لتحد أوسع نطاقًا، أي في الاستعاضة عن بيئة ظنّ البعض فيها أن لهم حصانة من المسؤولية عن الاغتيال ببيئةٍ ينعم فيها الشعب اللبناني كله بالسلام والهدوء وفرص التقدّم التي تؤدي إليها تطبيق سيادة القانون.
ويتعيّن على كل المحاكم السعي إلى إثبات مصداقيتها وصونها. وينطبق ذلك بصورةٍ خاصة على المحكمة التي تعوّل على ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي لدعمها. فعلينا ألا نضطلع بولايتنا فحسب، بل علينا العمل حتى يظهر للعيان أننا نضطلع بها على نحو يضمن تحقيق العدالة وحماية حقوق المتهمين حمايةً كاملة مع الحرص على مصالح المتضررين. ومراعاةً منا دومًا للشرط المطلق الذي يقضي بإقامة محاكمة عادلة، علينا تفادي أي تأخير لا لزوم له. وقد أتاح تفاني موظفي المحكمة تذليل صعوبات مختلفة، بما فيها الصعوبات الملازمة لإجراءات تُقام في ظروفٍ اقتصاديةٍ قاسيةٍ وبثلاث لغاتٍ رسمية. ولكن لا بد من بذل المزيد من الجهود الحثيثة، لا سيما فيما يتعلّق بضمان توقيف المتهمين.
ولضمان الحصول على الدعم اللازم في لبنان وخارجه لاضطلاع المحكمة بولايتها، نظّمت المحكمة بضعة لقاءات عمل مع بعض رجال القانون اللبنانيين وفئات لبنانية أخرى. وشكّلت زيارة نقيبي المحامين في بيروت وطرابلس وأعضاء من نقابتي المحامين في لبنان إلى لاهاي، حدثًا بارزًا أتاح تبادلاً قيّمًا للأفكار فيما بين الزملاء العاملين في مجال القانون. واضطلعت المحكمة بمجموعة متنوعة من المبادرات الأخرى الرامية إلى ضمان تمكين الجمهور في لبنان وخارجه من معرفة مهمتها وولايتها . وشكّل موقع المحكمة الجديد على شبكة الإنترنت مصدر معلومات للجمهور باللغات الرسمية الثلاث للمحكمة، أي العربية والفرنسية والإنكليزية، ونستعمل حاليًا مختلف الوسائط، ومنها موقع تويتر، للتفاعل مباشرةً مع الجمهور.
وحظي عمل المحكمة بدعمٍ قوي ومتواصل من الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي. ولا يراودنا أي شك في استمرار وازدياد هذا الدعم طوال العام الرابع من فترة ولاية المحكمة.

الجزء الأول - مقدّمة


أصبحت المحكمة، في العام الثالث من نشاطها، قادرة على الشروع في الإجراءات التمهيدية ضد أربعة أفراد يدّعي المدعي العام أنهم مسؤولون عن ارتكاب الجرائم المندرجة في نطاق اختصاص المحكمة. وتتسم المحكمة ببعض الخصائص الدولية، ومنها وقوع مقرّها في لاهاي ووجود سبعة قضاة دوليين فيها، إلا أن عناصرها الأساسية تشمل وجوب تطبيق القانون الجزائي اللبناني والاسترشاد، عند الاقتضاء، بقانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني، فيما يتعلّق بالأحداث التي وقعت في لبنان. وإن عشرات المتضررين اللبنانيين من جرّاء اعتداء 14 شباط/فبراير 2005 مستعدّون للمشاركة في الإجراءات ولعرض وجهات نظرهم وشواغلهم، وفقًا لما ينص عليه نظامنا الأساسي؛ وفي حال تصديق تهمٍ أخرى، يُرجّح أن يتقدّم المزيد من المتضررين. ويجب علينا التركيز قضائيًا على إنصاف المتهمين، وجميعهم حاليًا لبنانيو الجنسية، عبر تطبيق القانون الجزائي اللبناني على الاعتداءات التي وقعت في لبنان. ويقدّم لنا قضاتنا اللبنانيون الأربعة وموظفونا اللبنانيون مساعدةً قيّمةً في أداء مهمتنا هذه. ونأمل مشاركة واسعة من المحامين اللبنانيين في كلّ القضايا التي تُرفع لاحقًا أمام المحكمة، كما كان الحال في قضية السيد جميل السيد.

الجزء الثاني: الأنشطة الرئيسية للمحكمة في الفترة المشمولة بالتقرير


ألف- الغرف


1-                مقدمة


وصدّق قاضي الإجراءات التمهيدية في حزيران/يونيو 2011 أول قرار اتهام صدر عن المحكمة. وأصدر في آب/أغسطس 2011 قرارًا بأنّ للمحكمة الاختصاص الحصري لنظر ثلاثة اعتداءات متلازمة مع اعتداء 14 شباط/فبراير 2005. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2011، رفعت إلى غرفة الدرجة الأولى لبّتها مسألة الشروع في إجراءات المحاكمة الغيابية في قضية عياش وآخرين. و قبلت غرفة الدرجة الأولى في قرارها الصادر في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ملاحظات مكتب الدفاع، وطلبت إلى رئيس قلم المحكمة أن يتأكد من إبلاغ المتهمين الأربعة الكتاب المفتوح الموجّه إليهم من الرئيس في 11 آب/أغسطس 2011، ومحتوى المادة 104 من قواعد الإجراءات والإثبات (المشار إليها فيما يلي بعبارة "القواعد") بشأن التنازل عن الحق في حضور الإجراءات والمادة 105 من القواعد بشأن حضور الجلسات بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة. وفي 1 شباط/فبراير 2012، رأت غرفة الدرجة الأولى أنّ شروط الشروع في إجراءات المحاكمة الغيابية مستوفاة فعلاً. وأُحرِز خلال السنة الماضية أيضًا تقدمٌ في قضية السيد التي لا تزال قائمة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2011، استقال القاضي أنطونيو كاسيزي من منصب رئيس المحكمة لأسباب صحية. وانتخبت قضاة غرفة الاستئناف بالإجماع القاضي سير دايفيد باراغوانث بصفته ثاني رئيس للمحكمة. ومنذ أن تولّى الرئيس باراغوانث مهامه، التقى شخصيات بارزة في الحقلين السياسي والقضائي في لبنان، وشارك في عدد من المبادرات الهامة في مجال التواصل الخارجي.

2-                الأنشطة القضائية


خلال السنة الثالثة من أعمال المحكمة، استُهلت الأنشطة القضائية في قضية عياش وآخرين بتقديم أول قرار اتهام في المحكمة. وأُودِع قرار الاتهام للمرة الأولى في 17 كانون الثاني/يناير 2011، ثم عُدّل ثلاث مرات (في 11 آذار/مارس 2011، وفي 6 أيار/مايو 2011، وفي 10 حزيران/يونيو 2011 – وجرى التعديل في المرة الأخيرة بناءً على طلب قاضي الإجراءات التمهيدية). وحرصًا منه على قانونية نظره في التهم وتصديق قرار الاتهام، طلب قاضي الإجراءات التمهيدية إلى غرفة الاستئناف توضيح القانون الواجب التطبيق أمام المحكمة. ففعلت غرفة الاستئناف ذلك في قرار بهذا الشأن في 16 شباط/فبراير 2011، تضمن رأيها في تفسير النظام الأساسي للمحكمة، وحدّد القانون الواجب التطبيق فيما يتعلق بالإرهاب والمؤامرة والقتل، وبيّن أشكال المسؤولية على اختلافها، وأوضح ما إذا كان الجمع في إسناد التهم جائزًا أمام المحكمة. وأتاح هذا القرار لقاضي الإجراءات التمهيدية إمكانية النظر بإمعان في قرار الاتهام وفي الكم الضخم من المواد المؤيدة له. وأخيرًا توصل قاضي الإجراءات التمهيدية إلى الاقتناع بأنّ المدعي العام قد قدّم ما يكفي من الأدلة الأولية لملاحقة الأشخاص المتهمين في اعتداء 14 شباط/فبراير 2005 الذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري و21 ضحية أخرى.
وظلّ القرار سريًا في بداية الأمر لتسهيل البحث عن المتهمين والقبض عليهم. غير أنّ قاضي الإجراءات التمهيدية قرّر، في إعقاب إيداع طلبٍ من المدعي العام، وتيسيرًا لنشر مذكرات التوقيف بواسطة الانتربول، رفع السرية عن جزء من قرار الاتهام في 28 تموز/يوليو 2011. وسمح قرار قاضي الإجراءات التمهيدية بالكشف عن اسم كل متهم من المتهمين الأربعة وسيرته الذاتية وصورته والتهم الموجهة إليه.
وفي 8 أيلول/سبتمبر 2011، دعا الرئيس كاسيزي غرفة الدرجة الأولى في المحكمة إلى الانعقاد للمرة الأولى. وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2011، أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية قرارًا يطلب فيه إلى غرفة الدرجة الأولى أن تبت مسألة ما إذا كان ينبغي الشروع في إجراء محاكمة غيابية في قضية عياش وآخرين.
وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، أصدرت غرفة الدرجة الأولى قرارًا مرحليًا، أشارت فيه إلى أنها تحتاج إلى معلومات إضافية من السلطات اللبنانية قبل أن تستطيع الفصل في مدى استيفاء شروط إجراء المحاكمة غيابيًّا، وفقًا للمادة 106 من القواعد. وأودع مكتب المدعي العام تقريره المرحلي في 8 كانون الأول/ديسمبر 2011، مقدّمًا إلى غرفة الدرجة الأولى تحليلاً للمواد التي تسلّمها من السلطات اللبنانية في 16 كانون الأول/ديسمبر 2011.
وفي 2 شباط/فبراير 2012، طلب قاضي الإجراءات التمهيدية إلى رئيس مكتب الدفاع تعيين محامين لتمثيل المتهمين، فعمد على الفور إلى اختيار ثمانية محامين متمرّسين من قائمة محاميه الأكفّاء.
في 30 حزيران/يونيو 2011، تسلّم قاضي الإجراءات التمهيدية طلبًا من المدعي العام للبت فيما إذا كانت الاعتداءات الثلاثة التي استهدفت مروان حمادة (في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2004)، وجورج حاوي (في 21 حزيران/يونيو 2005) وإلياس المر (في 12 تموز/يوليو 2005)، متلازمة مع اعتداء 14 شباط/فبراير 2005 الذي أودى بحياة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وفي 5 آب/أغسطس 2011، أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية قرارًا سريًا، رأى فيه أنّ المدعي العام قدّم ما يكفي من الأدلة الأولية التي تبيّن توافر رابطة التلازم في كل من تلك القضايا الثلاث. ولا يزال مضمون هذا القرار سريًا ضمانًا لحماية المتضررين والشهود المحتملين وعدم المساس بتحقيقات مكتب المدعي العام. إلا أنّ قاضي الإجراءات التمهيدية أصدر قرارًا يجيز فيه لمكتب المدعي العام أن يُطلِع السلطات اللبنانية على مضمون هذا القرار. وفي 19 آب/أغسطس 2011، طلب أيضًا قاضي الإجراءات التمهيدية إلى السلطات اللبنانية إحالة ملفات التحقيق المتعلّقة بهذه القضايا إلى المدعي العام.
السيد
وفي العام 2010، صدّقت غرفة الاستئناف قرارَ قاضي الإجراءات التمهيدية بأن المحكمة مختصة للفصل في طلب السيد جميل السيد الاطّلاع على المواد الثبوتية الموجودة لدى مكتب المدعي العام، وأن السيد جميل السيد يستوفي شرط الصفة للحضور أمام المحكمة. وأشرف قاضي الإجراءات التمهيدية منذئذ على العملية التي قام مكتب المدعي العام من خلالها بتحديد المستندات وكشفها للسيد جميل السيد ولمحاميه.
وفي 19 تموز/يوليو 2011، فصلت غرفة الاستئناف في الاستئناف الجزئي المرفوع من السيد جميل السيد طعنًا في القرار الصادر عن قاضي الإجراءات التمهيدية في 12 أيار/مايو 2011. وعملاً بمبادئ القانون الدولي فيما يتعلّق بحق الشخص المحتجز في الاحتكام إلى القضاء، وبحق المواطن في الحصول على معلومات موجودة في حوزة سلطة حكومية، أكّدت غرفة الاستئناف في قرارها أنّ للسيد جميل السيد حقًا واجب الإنفاذ في الحصول على مستندات من المدعي العام تتعلّق باحتجازه في لبنان، غير أنها أشارت إلى أنّ هذا الحق يخضع لبعض القيود. وأكّدت غرفة الاستئناف صحة قرار قاضي الإجراءات التمهيدية بأنّ بعض فئات المستندات لا تخضع للكشف لأنها وثائق عمل داخلية، تنطبق عليها أحكام المادة 111 من القواعد. ومع ذلك ردّت غرفة الاستئناف الملف إلى قاضي الإجراءات التمهيدية طالبة إليه التأكد من أنّ المدعي العام قد صنف المستندات التي اعتبرها وثائق عمل داخلية تصنيفًا بحسب الأصول.
واتخذ قاضي الإجراءات التمهيدية بعد ذلك قرارات لإنفاذ قرار غرفة الاستئناف. فعلى سبيل المثال، طلب قاضي الإجراءات التمهيدية في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2011 إلى الادعاء تقدير المدة الزمنية اللازمة لصياغة المقترحات المتعلقة بتمويه إفادات الشهود (بعد التشاور مع وحدة المتضررين والشهود). وفي 14 تشرين الأول/أكتوبر 2011، اقترح الادعاء أن يُقدّم الإفادات إلى وحدة المتضررين والشهود، ومن ثم إلى قاضي الإجراءات التمهيدية أولاً بأول (لتقليل فترة التأخير إلى أدنى حد).
ويدير قاضي الإجراءات التمهيدية عملية الكشف عن المستندات بهمة من خلال تحديد المهل النهائية بانتظام والإذن بإدخال التمويهات. كما أنه يفصل سريعًا في الطلبات التي يودعها السيد جميل السيد والمدعي العام.
في الفترة المشمولة بالتقرير، بدأ قاضي الإجراءات التمهيدية النظر في ملف الدعوى الذي سيقدَّم إلى غرفة الدرجة الأولى في الإجراءات المتعلّقة بقضية عياش وآخرين. واستعدّ أيضًا لتسلّم طلبات المتضررين الراغبين في المشاركة في الإجراءات أمام المحكمة، وحدّد لهم مهلة أقصاها 31 تشرين الأول/أكتوبر 2011 لتقديم طلباتهم. وفي 10 شباط/فبراير 2012، قدمت وحدة المتضررين المشاركين في الإجراءات إلى قاضي الإجراءات التمهيدية 73 طلبًا للمشاركة.
3-                الأنشطة التنظيمية

1‘                قواعد الإجراءات والإثبات

عملاً بالمادة 5 من القواعد، تنظر لجنة قواعد المحكمة في جميع التعديلات المقترح إدخالها على القواعد. ويرأس اللجنة الخالية نائب رئيس المحكمة، القاضي الرياشي. وقد التأمت اللجنة للمرة الأولى في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2011. ومنذ ذلك التاريخ، كرّس نائب رئيس المحكمة والقاضيان بيونبرغ وروت قدرًا كبيرًا من وقتهم وجهودهم لتحليل التعديلات المقترح إدخالها على القواعد، ووضع توصيات تعرض على جميع القضاة للنظر فيها.
وفي اجتماعٍ للهيئة العامة عقد في 8 و9 شباط/فبراير 2012، أقر قضاة المحكمة إدخال تعديلات معينة على القواعد. وكان الهدف من التغييرات المقترحة توضيح إجراءات المحكمة وتبسيطها، خصوصًا فيما يتعلّق بمشاركة المتضررين. واسترشد القضاة في ذلك بمبدأ تجنّب إدخال أي تعديلات على القواعد إلا إذا كانت تعديلات ذات فائدة وقيمة حقيقيتين.
2‘                العلاقات مع الدول

في 21 أيلول/سبتمبر 2011، تحدث الرئيس كاسيزي ونائب الرئيس وممثلون عن مكتب المدعي العام في جلسة إحاطة دبلوماسية عقدت في لاهاي واستضافها السفير الكندي في مقر إقامته. وشارك أيضًا في هذه الجلسة رئيس قلم المحكمة ومكتب الدفاع.
وشارك الرئيس باراغوانث، عقب تعيينه رئيسًا للمحكمة في تشرين الأول/أكتوبر 2011، في عدد كبير من اللقاءات التي جمعته مع سفراء الدول المُمثَّلة فيلجنة الإدارة وسفراء بلدان المنطقة، وغيرهم. ونذكر تحديدًا زيارة الرئيس إلى لبنان في الفترة من 22 إلى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، ورافقه فيها كل من نائبه ومدير مكتبه. والتقوا خلال الزيارة بشخصيات لبنانية عديدة، من بينها رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية، ووزير العدل، وجمع من السفراء.
3‘                التوجيهات العملية/الإرشادات والقواعد الداخلية

في 30 آذار/مارس 2011، أصدر الرئيس كاسيزي توجيهًا عمليًّا لدور رئيس مكتب الدفاع في الإجراءات القائمة أمام المحكمة. وفي 21 شباط/فبراير 2012، أصدر الرئيس باراغوانث توجيهًا معدّلاً يتناول دورَ محامي الدفاع على نحو أكثر تحديدًا. وفي 23 شباط/فبراير 2012، أصدر أيضًا الرئيس باراغوانث توجيهًا عمليًّا بشأن مذكرات "أصدقاء المحكمة" المودعة أمام المحكمة.

4-                المهام الإدارية ومهام أخرى


1‘                   نظرة عامة

رغم اختيار القضاة في كانون الأول/ديسمبر 2007، فإنهم لم يعيَّنوا رسميًا قبل آذار/مارس 2009. وفي تلك المرحلة انتقل ثلاثة قضاة، هم الرئيس كاسيزي ونائب الرئيس الرياشي وقاضي الإجراءات التمهيدية فرانسين، إلى مقر المحكمة في لاهاي. أما القضاة الآخرون، وهم ثلاثة قضاة في غرفة الاستئناف، إضافةً إلى الرئيس ونائب الرئيس، وأعضاء غرفة الدرجة الأولى الخمسة جميعًا (بمن فيهم قاضيان رديفان)، فلم ينتقلوا إلى لاهاي حتى أيلول/سبتمبر 2011. ولم يتلقوا أجرًا إلا مقابل أوقات حضورهم الاجتماعات والجلسات، أو عملهم في مشاريع محدّدة. والقضاة الثمانية (بمن فيهم القاضيان اللذان حلا محلّ القاضي الراحل سوارت، الرئيس السابق لغرفة الدرجة الأولى، والقاضي موريسن) هم: في غرفة الدرجة الأولى القاضي روبرت روت (رئيسًا)، والقاضية ميشلين بريدي، والقاضي دايفيد ري ومعهم القاضيان الرديفان جانيت نوسوورثي ووليد عاكوم، وفي غرفة الاستئناف القضاة عفيف شمس الدين، ودايفيد باراغوانث، وكييل بيونبرغ.
وفي 8 أيلول/سبتمبر 2011، أعلن الرئيس تشكيل غرفة الدرجة الأولى. وتسلّم القضاة الخمسة في غرفة الدرجة الأولى والقضاة الثلاثة الآخرون في غرفة الاستئناف، مهامهم في المحكمة في 20 أيلول/سبتمبر 2011.
وانتخب القاضي سير دايفيد باراغوانث ثاني رئيس للمحكمة في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2011، عقب استقالة القاضي كاسيزي لأسباب صحية. والتقى الرئيس الجديد أولاً رؤساء الأجهزة الأربعة في المحكمة وموظفيها، وكذلك التقى عددًا كبيرًا من السفراء وغيرهم من أعضاء السلك الدبلوماسي في لاهاي.
وفي 22 تشرين الأول 2011، فُجعت المحكمة بوفاة أول رئيس لها القاضي أنطونيو كاسيزي، إثر صراع طويل مع مرض السرطان. وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، أقيم في أكاديمية لاهاي للقانون الدولي حَفلُ تكريم للقاضي كاسيزي أثنى المتحدثون فيه على مساهماته الفريدة في القانون الجنائي الدولي. وقد أبرز حفل التكريم الذي أقامه موظفو غرفة الاستئناف الإرث القانوني الذي تركه القاضي كاسيزي. وحضر الحفل حوالى 350 شخصًا من الضيوف المحليين والدوليين، من بينهم قضاة وسفراء وأساتذة وزملاء سابقون من زملاء القاضي كاسيزي. وفي 24 كانون الثاني/يناير 2012، أقيم حفل مماثل في مجلس أوروبا في ستراسبورغ، برعاية رئيس الجمعية البرلمانية السيد جان كلود مينيون، حضره جمع غفير ضمّ أعضاء في الجمعية البرلمانية، وقضاة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وعددًا من الموظفين، من بينهم من كانوا سابقًا زملاء أو طلاب الرئيس كاسيزي. وقد ألقى الرئيس باراغوانث كلمة تكريمًا للقاضي كاسيزي.
وفي 29 شباط/فبراير 2012، عيّن الأمين العام للأمم المتحدة القاضي دانيال دايفيد نتاندا نسيريكو عضوًا في غرفة الاستئناف.
وواصل الرئيس حضور الاجتماعات العادية للمجلس الأعلى للإدارة، وذلك للتنسيق مع كبار المسؤولين الآخرين والنهوض بنوعية أنشطة المحكمة وفعاليتها. وواصل نائب الرئيس أيضًا الإشراف على النظام الخاص بالمتضررين المشاركين في الإجراءات أمام المحكمة.
وإضافةً إلى ذلك، عمل موظفو الغرف بنشاط في أثناء السنة الماضية لمعالجة الطعون في الإجراءات التأديبية الداخلية.
2‘    أنشطة التواصل الخارجي

يتحدّث القضاة وموظفو الغرف بصورة منتظمة إلى مجموعات من الطلاب ومحامين وأشخاص آخرين ممّن يزورون المحكمة، وذلك لإطلاعهم على عمل المحكمة والإجابة على أسئلتهم. وفي 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، ألقى الرئيس الكلمة الافتتاحية في البرنامج المشترك بين الجامعات حول القانون الجنائي الدولي والإجراءات الجنائية الدولية (نظّمه قسم التواصل الخارجي لدى المحكمة). وقد حضر هذه المحاضرة نحو 120 طالبًا من 8 جامعات لبنانية مختلفة، علمًا أنها ألقيت في لاهاي ونقلت مباشرةً إلى بيروت بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة. وتحدّث أيضًا الرئيس وموظفون قانونيون من الغرف في منتدى المحامين الذي أقيم في لاهاي من 23 إلى 26 كانون الثاني/يناير 2012. وزاد عدد الحضور في المنتدى عن 29 ممثلاً من نقابتي المحامين في لبنان، منهم رئيس نقابة المحامين في بيروت ورئيس نقابة المحامين في طرابلس.
والتقى الرئيس ونائب الرئيس ومدير مكتب رئيس المحكمة، في أثناء زيارتهم إلى بيروت في الفترة من 22 إلى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، شخصيات سياسية، والنائب العام لدى محكمة التمييز في لبنان، ونقيببيّ المحامين في بيروت وطرابلس، وممثلين عن جامعات.
وأجرى موظفو الغرف استعراضًا شاملاً للموقع الإلكتروني للمحكمة قبل إعادة إطلاقه في حُلَّةٍ جديدة في آب/أغسطس 2011. وعملوا بهمة أيضًا على تطوير وتحسين نظام العمل القانوني (Legal Workflow).

5-                ضرورة إدارة الموارد بعناية


واستوجب بدء أنشطة غرفة الدرجة الأولى بطبيعة الحال زيادة مواردها البشرية والمادية. فخلال الفترة المشمولة بالتقرير، انضم إلى ملاك الموظفين أربعة موظفين قانونيين ومساعد إداري واحد لدعم أعمال القضاة الخمسة في غرفة الدرجة الأولى. ويعد هذا الفريق صغيرًا جدًا مقارنةً بعدد الموظفين الذين يستخدمون عادةً لدعم القضاة في المحاكم الجنائية الدولية الأخرى.

6-                النهج المستقبلي


1‘  التركيز على الأنشطة القضائية، وخصوصًا المسائل التي تقع ضمن اختصاص المحكمة الأساسي، بهدف تعجيل الإجراءات وضمان تحقيق العدالة النزيهة والسريعة؛
2‘  وتعزيز العلاقات مع الدول الثالثة من أجل إقامة شبكة تعاون ثابتة تسهم في مواصلة عمل المحكمة؛
3‘  وتكثيف العلاقات مع السلطات اللبنانية؛
4‘  ومواصلة جهود المحكمة في التواصل مغ المجتمع اللبناني وجهات معنية أخرى.

باء- قلم المحكمة[1]

1-                مقدمة


العلاقات الخارجية: يضطلع رئيس قلم المحكمة بمهام دبلوماسية ذات شأن، فهو يتولى مهمة الارتباط الوثيق مع الدولة المضيفة، ولجنة إدارة المحكمة، والجهات المانحة، والمنظمات غير الحكومية. وهو مسؤول أيضًا عن التفاوض بشأن اتفاقات إقامة الشهود، فضلاً عن ترتيبات التعاون الأخرى مع الدول. وعلاوةً على ذلك، يشرف رئيس قلم المحكمة على عمل قسم العلاقات العامة وقسم التواصل الخارجي في قلم المحكمة، اللذين يؤديان دورًا هامًا في التواصل مع الجمهور وفي توفير المعلومات عن عمل المحكمة. وأخيرًا، يتولى رئيس قلم المحكمة مسؤولية سير العمل بوجه عام في مكتبي المحكمة في بيروت ونيويورك.
الدعم الإداري: يضطلع قلم المحكمة بمسؤولية إعداد ميزانية المحكمة، وتقديم الدعم لجميع أجهزة المحكمة في مجالات الموارد البشرية، والشؤون المالية، والمشتريات، والخدمات العامة، وتكنولوجيا المعلومات.
وفي الأشهر الاثني عشر الأخيرة، ركّز رئيس قلم المحكمة جهوده على تأمين الموارد المالية الضرورية وترتيبات التعاون الأخرى اللازمة لتمكين المحكمة من الاضطلاع بولايتها. ونجحت المحكمة في مواصلة عملها بفضل مساهمات الدول والاتحاد الأوروبي، وقد تسلّمت المحكمة مساهمة لبنان في مطلع شهر كانون الأوّل/ديسمبر 2011. وفي السنة الماضية، واصل قلم المحكمة تقديم المساعدة إلى الغرف، ومكتب المدعي العام، ومكتب الدفاع في مجالاتٍ شملت الترجمة التحريرية والفورية، والإدارة، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن، والإعلام والمعلومات، والتواصل الخارجي. وإضافةً إلى ذلك، ركّز قلم المحكمة جهوده على تعزيز الأقسام المعنية مباشرةً بتوفير الدعم للإجراءات القضائية، وعلى تدعيم البرامج الإلكترونية والسياسات المتعلقة بأمن المعلومات داخل مكاتب المحكمة في لايدسندام وبيروت ونيويورك. وفي الفترة المشمولة بالتقرير، مارست المحكمة سياسة الانضباط المالي بهدف ضمان سير عملها بكفاءة عليا وكلفة دنيا.

2-                المكتب المباشر لرئيس قلم المحكمة


1‘                العلاقات الخارجية

عقد رئيس قلم المحكمة طوال الفترة المشمولة بالتقرير اجتماعات ثنائية مع ممثلي السلك الدبلوماسي في لايدسندام ولاهاي وبيروت ونيويورك وأماكن أخرى لدعوتهم إلى تقديم التمويل والتفاوض بشأن إبرام اتفاقاتٍ تعاون.
وفي شهر تشرين الأوّل/أكتوبر 2011، سافر رئيس القلم إلى نيويورك لعقد اجتماعات ثنائية مع أعضاء لجنة الإدارة، وأعضاء مجلس الأمن، ومجموعات الدول الإقليمية، والجهات المانحة المحتملة، ومع إدارات الأمم المتحدة. وفي نيويورك، عُقدت أيضًا جلسات إحاطة لمجموعة الدول المعنية، ومنظمات غير حكومية، والمستشارين القانونيين للاتحاد الأوروبي.
وتعاونت حكومة مملكة هولندا مع قلم المحكمة تعاونًا مستمرًّا شمل الدعم فيما يتعلّق بأماكن المحكمة، والأمن الخارجي، وإصدار التأشيرات وتصاريح الإقامة وغيرها من الأمور.
2‘                   أماكن المحكمة خارج هولندا

مكتب بيروت:
وطوال الفترة المشمولة بالتقرير، واصل قلم المحكمة ببيروت عمله اليومي فقدّم الدعم الاعتيادي لمحققي مكتب المدعي العام المقيمين والزائرين، وللمسؤولين الزائرين من الغرف، وقلم المحكمة، ومكتب الدفاع. وعلاوةً على ذلك، توسّعت مهام قلم المحكمة وتجلّى ذلك في زيادة أنشطة التواصل الخارجي وإضافة ممثل لوحدة المتضررين المشاركين في الإجراءات في بيروت.
وفي أواخر عام 2011، شرعت المحكمة في العمل على تعديل المكتب لاستقبال موظفين إضافيين من الغرف ومن مكتب الدفاع. ومع وصول هؤلاء الموظفين الجُدد في مطلع عام 2012، تصبح أجهزة المحكمة الأربعة جميعًا ممثّلة في مكتب بيروت.
مكتب الارتباط في نيويورك:
استفادت المحكمة من التعاون المستمر بين المحاكم الدولية القائمة في لاهاي، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية. وشملت مجالات التعاون التنظيم المشترك للعديد من الدورات التدريبية وأنشطة التواصل الخارجي، والتعاون في المبادرات المتعلّقة بتكنولوجيا المعلومات، والمساعدة في تقديم الخدمات اللغوية، واستعارة الكتب بين المكتبات. وقد أسهمت هذه المساعدة المتبادلة في فعالية الكلفة الداخلية.
3-                الدعم القضائي

1‘                إدارة المحكمة

وبلغ عدد المستندات المودعة التي جهّزها قسم الخدمات الإدارية للمحكمة في الفترة المشمولة بالتقرير 273 مستندًا، تضم 101055 صفحة من وثائق المحكمة الرسمية، التي تُرجم عدد كبير منها إلى اللغات الرسمية الثلاث للمحكمة، وهي العربية والإنكليزية والفرنسية. وعُقدت جلسة سرّية وغير وجاهية في نيسان/أبريل 2011 بشأن طلب السيد جميل السيد الحصول على مستندات تتعلّق بملفّه ويعتقد أنها في حوزة المدعي العام لدى المحكمة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2011، عقدت غرفة الدرجة الأولى جلستها الأولى في قضية عياش وآخرين للاستماع إلى حجج المدعي العام ومكتب الدفاع بشأن الشروع في الإجراءات الغيابية.
وفي شهر آب/أغسطس 2011، استُحدث نظام تكنولوجيا المعلومات Legal Worflow ("نظام الأدوات الإلكترونية") لإدارة المعلومات والعمليات في مهام المحكمة القضائية وغير القضائية. وقد خضع نظام Legal Worflowلتحسينات إضافية طوال السنة فأصبح في كانون الثاني/يناير 2012، جاهزًا على أكمل وجه للإيداع والكشف الإلكترونيين فيما بين المشاركين.
يعمل قسم اللغات في مقرّ المحكمة وفي مكتب بيروت، ويقدّم الخدمات اللغوية إلى كل أجهزة المحكمة باللغات الرسمية الثلاث للمحكمة، أي العربية والفرنسية والإنكليزية.
وازداد عبء أعمال الترجمة في قسم اللغات بصورةٍ متواصلة في الفترة المشمولة بالتقرير. ففي السنة الفائتة، قدّم قسم اللغات نحو 17300 صفحة مترجمة (49% إلى الإنكليزية (معظمها من العربية)، و31% إلى العربية، و19% إلى الفرنسية (1% إلى لغاتٍ أخرى)).
3‘                وحدة المتضررين والشهود

وحدة المتضررين المشاركين في الإجراءات

وبغية مساعدة المتضررين في إعداد طلباتهم، قدّمت الوحدة إرشادات للمتضررين الراغبين في الحصول على الدعم القانوني والإداري في ملء استمارة الطلب، وذلك بطرق منها تخصيص خط هاتفي لبناني مباشر للإجابة عن أسئلة المتضررين. ولدى الوحدة موظفة اتصال في مكتب بيروت، تتولّى التواصل بصورة منتظمة مع المتضررين والمحامين اللبنانيين لتقديم المساعدة والمعلومات. وقد جرت عملية تقديم الطلبات بسرّيةٍ تامة.
واستجاب ثلاثة وسبعون شخصًا للدعوة إلى تقديم طلبات للمشاركة بصفة متضررين. وفي 10 شباط/فبراير 2012، قدمت الوحدة طلباتهم الى قاضي الإجراءات التمهيدية. ولقاضي الإجراءات التمهيدية أن يقرّر مَن من المتضررين يجوز لهم المشاركة في الإجراءات وفقًا لقواعد المحكمة. ويقوم ممثلٌّ قانوني بتمثيل هؤلاء المتضررين الذين سيشاركون في الإجراءات، وهذا ما يُفسح لهم المجال لإسماع صوتهم في المحاكمة. وتخصص المحكمة مبالغ مالية للمتضررين الذين ليست لديهم الموارد المالية الكافية لدفع أجور تمثيلهم القانونيبأنفسهم.
وتعاونت الوحدة أيضًا مع مكتب الدفاع في تنظيم بضعة أنشطة في لبنان، منها اجتماعا طاولة مستديرة مع نقابتي المحامين في طرابلس وبيروت، وقابلت العديد من المحامين الدوليين شخصيًا. وفي كانون الأول/ديسمبر 2011، وبالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، نظمت الوحدة حلقة تدريبية في مقرّ المحكمة استغرقت يومين ونصف اليوم للمحامين الذين يجوز لهم تمثيل المتضررين المشاركين في الإجراءات أمام المحكمة. وقد شارك أيضًا في هذه الحلقة التدريبية محامون يمثلون متضررين أمام المحكمة الجنائية الدولية والموظفون المساعدون لهم.

4-                أنشطة التواصل الخارجي والعلاقات العامة


1‘                قسم التواصل الخارجي

وفي السنة الفائتة، وسّع قسم التواصل الخارجي نطاق عمله وواصل استراتيجيته القائمة على شرح عمل المحكمة في سياق العدالة الجنائية الدولية الأوسع نطاقًا. وشارك القسم أيضًا في أنشطة دراسية قد تشكّل إسهامًا في إرث المحكمة. وبالتنسيق مع أجهزة المحكمة كافة، نُظّم عدد من الأنشطة في لبنان وهولندا. وضمّ الجمهور الذي توجهت إليه هذه الأنشطة الأوساط القانونية والأكاديمية والدبلوماسية، وكذلك المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية.
وفي أيار/مايو 2011، تعاون قسم التواصل الخارجي مع منظمتين غير حكوميتين لبنانيتين، هما "عدل بلا حدود" و"الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي"، في عقد مؤتمر في بيروت بشأن تطوّر العدالة الجنائية الدولية استغرق ثلاثة أيام. وكان هذا المؤتمر الأوّل من نوعه، فقد جمع مسؤولين وخبراء رفيعي المستوى من المحكمة الجنائية الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، والمحكمة الخاصة لسيراليون، والمحكمة الخاصة بلبنان، بزملاء لهم في العديد من بلدان المنطقة، ومنها الجزائر والبحرين ومصر والكويت والمغرب ولبنان وقطر والسودان وتونس.
وفي نهاية كانون الثاني/يناير 2012، نظّم قسم التواصل الخارجي، بالتعاون مع نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس ندوةً لأربعة أيام بشأن تطوّر العدالة الدولية جمعت في لاهاي 29 ممثلاً عن نقابتي المحامين في لبنان. وقابلت الوفود الزائرة، برئاسة نقيبي المحامين في بيروت وطرابلس، كبارالمسؤولينفيالمحكمةوغيرهم من المسؤولين، وحضروا جلسات إحاطة عديدة، وخاضوا نقاشات مثيرة للاهتمام بشأن عمل المحكمة وصلته بعمل رجال القانون في لبنان. وجال المحامون الزائرون أيضًا على المحكمةالجنائيةالدولية، والمحكمةالجنائيةالدوليةليوغوسلافياالسابقة،ومحكمةالعدلالدولية،والمحكمة الخاصة لسيراليون وحضروا جلسات إحاطة فيها.
قسم العلاقات العامة

ووسائل الإعلام في لبنان هي الأكثر حيويّةً وتنوّعًا في العالم العربي، ولا يزال اهتمامها بالمحكمة اهتمامًا بالغًا. ويركّز قسم العلاقات الخارجية جهوده، منذ إنشاء المحكمة، على تصويب المعلومات الخاطئة بشأنها، وعمل جاهدًا على تحسين الرسائل التي توجهها المحكمة، وذلك في محاولةٍ منه لضمان نشر الوقائع وليس التكهّنات. وفي السنة الفائتة، أجاب الناطق باسم المحكمة عمّا يزيد على 1000 سؤال من وسائل الإعلام، وورد من لبنان ما يقارب 80% من هذه الأسئلة.
وفي السنة الفائتة، استضاف قسم العلاقات العامّة نحو 40 مجموعة زارت المحكمة. وجال في قاعة المحكمة نحو 750 شخصًا من لبنان ومن دول أخرى عديدة من القارّات الأربع، واستمعوا إلى متحدثين من كل أجهزة المحكمة. وأخيرًا، عزّز القسم التواصل الداخلي لتزويد موظفي المحكمة في الوقت المناسب بمعلومات عن المستجدّات في لبنان وبتحليل للتطوّرات اللبنانية.

5-                الدعم الإداري


1‘                الميزانية والتمويل

ووفقًا للمادة 5 من مرفق قرار مجلس الأمن بالأمم المتحدة 1757 (2007)، تُغطَّى نسبة 51 في المائة من نفقات المحكمة من تبرعات الدول، وتتحمل حكومة لبنان النسبة الباقية البالغة 49 في المائة. وتلقت المحكمة منذ إنشائها مساهمات من 26 بلدًا، إما في شكل تبرعات أو في شكل دعم عيني. والبلدان التي ساهمت، بالإضافة إلى لبنان هي: النمسا وبلجيكا وكندا وكرواتيا والجمهورية التشيكية والدنمرك وفنلندا وفرنسا وألمانيا وهنغاريا وايرلندا وإيطاليا واليابان ولكسمبورغ وهولندا ونيوزيلندا ودول إقليمية والاتحاد الروسي والسويد وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوروغواي. وإضافةً إلى مساهمات الدول، تسلّمت المحكمة مساهمةً من الاتحاد الأوروبي.
تعيين الموظفين

واستمرّ برنامج المتدربين بنجاح، فقد شارك 81 متدربًا في أعمال المحكمة في العام 2011. وعلى الرغم من تراجع تمويل البرنامج على مرّ السنين، فإن عدد المتدربين ارتفع وسجّل تزايدًا متواصلاً في عدد المتدربين الذين لا يمول تدربهم. وفي العام 2011، ضمّ البرنامج 62 متدربًا لا يموّل تدربهم، وشكّل هؤلاء 77% من العدد الإجمالي للمتدربين. ولا تزال المحكمة تشجّع المواطنين اللبنانيين على التقدّم بطلبات للالتحاق بهذا البرنامج.
6-                النهج المستقبلي

1‘       تطبيق استراتيجية جمع الأموال التي اعتمدتها المحكمة؛
2‘       ومواصلة السعي إلى التوصل إلى اتفاقات مع الدول على ترتيبات لإقامة الشهود وتنفيذ العقوبات؛
3‘       وضمان استعداد أقسام قلم المحكمة المسؤولة عن توفير الدعم للإجراءات القضائية للشروع في أنشطة المحاكمة في قضية عياش وآخرين؛
4‘       ومواصلة تقديم الدعم إلى الغرف ومكتب المدعي العام ومكتب الدفاع؛
5‘       وتعزيز أنشطة الإعلام والتواصل الخارجي في لبنان وأماكن أخرى، بهدف توفير معلومات دقيقة في الوقت المناسب عن المراحل المقبلة من عمل المحكمة؛
6‘       وضمان ممارسة الانضباط المالي في كل أجهزة المحكمة، وضمان تنفيذ عمليات المحكمة بكفاءة عليا وكلفة دنيا.

جيم- مكتب المدعي العام[3]


1-                مقدّمة


شهدت السنة الثالثة من أعمال المحكمة تطورات هامة على صعيد الجهود التي بذلها مكتب المدعي العام لكشف هوية ومقاضاة الأشخاص المسؤولين عن اعتداء 14 شباط/فبراير 2005 والمسؤولين عن اعتداءات أخرى تبيّن أنها متلازمة معه. وفي إطار اضطلاع مكتب المدعي العام بولايته، نجح في المضي قدمًا في تحقيق بعض الأهداف التي كان قد حدّدها في التقرير السنوي الثاني:
1‘  ضمان أن يكون قرار الاتهام في قضية عياش وآخرين، إذا جرى تصديقه بناءً على الأدلة الأولية، قرارًا يستوفي شرط اليقين "بدون أي شكّ معقول" المطلوب في المحاكمات؛
2‘  والتمكن من ملاحقة الآخرين ممن قد يكونون مسؤولين عن اعتداء 14 شباط/فبراير 2005 أمام القضاء؛
3‘  والسعي إلى مقاضاة المسؤولين عن اعتداءات أخرى يتبيّن أنها متلازمة مع اعتداء 14 شباط/فبراير 2005.
نشأ الهدف الأول عن إيداع قرار الاتهام في 17 كانون الثاني/يناير 2011، وثلاثة مستندات أخرى أودعت في الأشهر التالية. وشكّل تصديق قرار الاتهام في 28 حزيران/يونيو 2011 خطوة حاسمة في الإجراءات القضائية. فقد بيّن التصديق وحود أدلة كافية لمقاضاة الأشخاص الأربعة الذين يزعم ارتكابهم اعتداء 14 شباط/فبراير 2005. وما كان هذا الإنجاز ليتحقق لولا عزيمة وتضافر جهود شعبتي التحقيقات والادعاء. ففي تلك المرحلة، طلب المدعي العام توقيف المتهمين الأربعة، وأدّى مكتب المدعي العام منذ ذلك الحين دورًا فاعلاً في مساعدة السلطات اللبنانية على الوفاء بالتزاماتها في هذا الصدد. وركّز مكتب المدعي العام في الوقت نفسه على تعزيز قاعدة الأدلة لاستيفاء شروط معيار الإثبات المطلوب في المحاكمة، وواصل الأعمال التحضيرية الأخرى اللازمة للمحاكمة.
ولا يزال الهدف الثاني يطرح تحديات كبرى. وعلى الرغم مما تحقق من تقدّم ايجابي في هذا المجال، يجب القيام بتقييم واقعي للتقدم المحرز، وذلك على ضوء الموارد المتاحة والأولويات المحدّدة في أثناء الفترة المشمولة بهذا التقرير. ومع ذلك، أدت الأعمال المُنجَزة إلى معلومات واعدة هي حاليًا موضع المزيد من التحقيق.
وفي إطار الهدف الثالث أيضًا، أمكن تحقيق نتائج ملموسة. فقد توصل مكتب المدعي العام إلى إثبات وحود رابطة تلازم بين ثلاثة اعتداءات محدّدة الهدف وقعت في بيروت في أثناء الفترة السابقة لاعتداء 14 شباط/فبراير 2005، والفترة اللاحقة له. وطلب مكتب المدعي العام إلى السلطات القضائية اللبنانية أن تتنازل لصالح المحكمة عن اختصاصها في هذه القضايا. ومع تنازل السلطات القضائية اللبنانية عن الاختصاص في آب/أغسطس 2011، بدأ فصل جديد في أعمال مكتب المدعي العام وحياة المحكمة؛ فمكتب المدعي العام يمارس الآن اختصاصًا حصريًّا بالتحقيق والمقاضاة في هذه القضايا الثلاث. وما فتئ مكتب المدعي العام يعمل بجهد مركّز لمتابعة هذه القضايا، وسوف يقدّم قرارات اتهام أخرى عندما تتجمّع لديه الأدلة الكافية.

2-                تصديق قرار الاتهام وإصدار مذكرات التوقيف في قضية عياش وآخرين


في 11 آذار/مارس 2011، قام المدعي العام، نتيجة جمع وتحليل أدلة إضافية، بتقديم قرار اتهام معدّل إلى قاضي الإجراءات التمهيدية. وهذا القرار المعدّل وسَّع نطاق قرار الاتهام الذي أودع في 17 كانون الثاني/يناير 2011 في إطار اعتداء 14 شباط/فبراير 2005 الذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري و21 ضحية أخرى، وأدّى إلى إصابة أكثر من 230 شخصًا. وفي 6 أيار/مايو 2011، أودع المدعي العام قرار اتهام معدّلاً ثانيًا ضمَّنه عناصر موضوعية جديدة لم تكن متاحة سابقًا. وفي 10 حزيران/يونيو 2011 أودع المدعي العام، بناءً على طلب قاضي الإجراءات التمهيدية، قرار اتهام معدّلاً آخر.
في 18 حزيران/يونيو 2011، صدّق قاضي الإجراءات التمهيدية قرارَ الاتهام في قضية عياش وآخرين. وبذلك أشار إلى اقتناعه بوجود أدلة كافية لمحاكمة المتهمين.
يوجه قرار الاتهام إلى الأشخاص الأربعة المتهمين جميعًا تهمة الاشتراك في مؤامرة بهدف ارتكاب عمل إرهابي. ويتّهم عياش وبدر الدين أيضًا بارتكاب عمل إرهابي باستعمال اداة متفجرة، وبالقتل عمدًا (الحريري و21 ضحية أخرى) باستعمال مواد متفجرة، وبمحاولة القتل عمدًا (الأشخاص الناجون الذين أصيبوا في الاعتداء) باستعمال مواد متفجرة. ويوجه إلى كل من عنيسي وصبرا تهمة التدخّل في ارتكاب الجرائم المذكورة نفسها. وجميع التهم الواردة في قرار الاتهام تعدّ جرائم بموجب القانون الجزائي اللبناني.
إصدار مذكرات التوقيف
3-                التحضير للمحاكمة

تنفيذ مذكرات التوقيف والمشاركة في جلسة النظر في المحاكمة الغيابية
تعزيز الأدلة وتحديد هوية أشخاص آخرين مسؤولين عن الاعتداء
وأعمال مكتب المدعي العام كلها تحتاج إلى دعم الدول لها، سواءٌ لمقابلة أشخاص في دول ثالثة، أو للاستعانة بخدمات خبراء في مجال الأدلة الجنائية وغيره من مجالات الخبرة التقنية، أوللحصول على المعلومات التي قد تكون في حوزة الدولة أو الاطّلاع عليها بهدف تحويلها إلى أدلة تُقدَّم إلى المحكمة، أو لمجرد الاطلاع على ملفات القضايا التي فُصل فيها في المحاكم صاحبة الاختصاص في الدول. وفيما يستعدّ مكتب المدعي العام للمحاكمة، يظل تعاون الدول معه بشكل كامل وفي الوقت المناسب شرطًا لنجاحه في تنفيذ ولايته.
وقد أحرزت النتائج الايجابية بجهد ومشقة. ففي الربع الأخير من العام 2011، تأثرت القدرة العملية لمكتب المدعي العام تأثرًا بالغًا بالوضع المالي غير المستقر للمحكمة. فلم تنل الموافقة إلا المهمات التي عدّت "أساسية"، وتأجّلت مهمات أخرى، ولم يكف التوظيف للتعويض عن تناقص عدد الموظفين. وبهدف الحدّ من تأثير القيود المالية، صنَّف مكتب المدعي العام احتياجاته في مجال جمع الأدلة بحسب الأولوية. فأُعطيت الأولوية لتلبية الحاجات الماسة للغاية أولاً. وعلى هذا النحو، تمكّن مكتب المدعي العام، بفضل الحرص الإداري، من الحدّ من تأثير الوضع المادي على أنشطته.
نظرًا إلى الكم الهائل مما يجري تناوله من معلومات وأدلة في إطار التحقيق والتحضير للمحاكمة، فإن من الضروري أن تكون أنظمة إدارة المعلومات أنظمة متينة وأن توجد إجراءات نافذة للحفاظ على سلامة الأدلة التي قد تستخدم في المحاكمة. وفي أثناء الفترة المشمولة بالتقرير، عزز مكتب المدعي العام الأنظمة والإجراءات القائمة لديه ببذل جهود حثيثة، وحرص فيها على ضمان السلامة والكفاءة والمساءلة في عملية تحديد ونقل المواد الخاضعة لموجبات الكشف. وعلى الرغم من وجود أدوات إلكترونية لإدارة المعلومات، لا تزال الحاجة مستمرة لقيام موظفي مكتب المدعي العام بالعمل الشاق لفحص المواد بغية تصنيف محتواها تصنيفًا دقيقًا.
منذ تصديق قرار الاتهام، يستعدّ مكتب المدعي العام للكشف عن المواد المؤيدة التي أرفقت بقرار الاتهام عند إيداعه، وذلك عملاً بأحكام المادة 110، الفقرة (ألف)، الفقرة الفرعية (1) من القواعد. وفي هذا الصدد، يتابع مكتب المدعي العام عن كثب ترجمة المواد المؤيدة، ويضطلع بمهام أخرى ذات صلة، وفاءً منه بالتزاماته المتعلّقة بالكشف. ويُواصل الادعاء أيضًا العمل مع الشهود لمعرفة إمكانية وجود حاجة إلى إجراءات للحماية في أثناء المحاكمة، وتحديد هذه الإجراءات وفق ما تنص عليه قواعد المحكمة إن وجدت هذه الحاجة. وإضافةً إلى ذلك، أرسل مكتب المدعي العام طلبات المساعدة إلى الدول للحصول على موافقتها على الكشف عن إفادات الخبراء الشهود المعتمدين لديها، وهو مستمر في التعاون معها بهدف وضع الترتيبات لتدابير الحماية المحتملة.
استمرت التحضيرات أيضًا استعدادًا للإجراءات المتعلقة بمشاركة المتضررين في الإجراءات.
صاغ مكتب المدعي العام عدة اقتراحات لتعديل قواعد المحكمة وقدّمها إلى الهيئة العامة للقضاة التي انعقدت في 8 و9 شباط/فبراير 2012. وأما شعبة الادعاء، التي تمثل مكتب المدعي العام في اللجنة المعنية بالقواعد على صعيد المحكمة برمتها، فقد قدمت أيضًا تعليقات مستفيضة على التعديلات المقترحة التي أودعتها أجهزة المحكمة الأخرى.

4-                الاعتداءات على حماده والحاوي والمر


من القضايا الأخرى التي ركّز عليها مكتب المدعي العام في تحقيقاته اعتداءات ثلاثة أخرى محدّدة الهدف، هي الاعتداءات التي استهدفت مروان حمادة، وجورج حاوي، وإلياس المر. وقد أُحرز تقدّم كبير في كلّ قضية من هذه القضايا، وجُمعت أدلة كافية لإقناع قاضي الإجراءات التمهيدية بأنّ هذه الاعتداءات الثلاثة "متلازمة" مع اعتداء 14 شباط/فبراير 2005، على النحو المنصوص عليه في المادة 1 من النظام الأساسي.
التلازم
في 30 حزيران/يونيو 2011، أودع المدعي العام مستندًا يتعلّق بالقضايا المتلازمة، وأرفقه بالأدلة المؤيدة له، فيما يتصل بما يلي:
·        الاعتداء الذي وقع في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2004 مستهدفًا مروان حمادة، والذي أدّى إلى مقتل شخص واحد، وإصابة السيد حمادة وبضعة أشخاص آخرين؛
·        الاعتداء الذي وقع في 21 حزيران/يونيو 2005 مستهدفًا جورج حاوي والذي أدّى إلى مقتله وإصابة شخص آخر؛
·        الاعتداء الذي وقع في 12 تموز/يوليو 2005 مستهدفًا إلياس المر والذي أدّى إلى مقتل شخص واحد وإصابة السيد المر وأكثر من 20 شخصًا آخر.
وفي قرار مؤرخ في 5 آب/أغسطس 2011، رأى قاضي الإجراءات التمهيدية أنّ الاعتداءات التي استهدفت حماده وحاوي والمر "متلازمة" مع اعتداء 14 شباط/فبراير 2005، على النحو المنصوص عليه في المادة 1 من النظام الأساسي، وذلك فهي تقع ضمن اختصاص المحكمة. وهذا القرار هو الأول الذي يخلص إلى أن المحكمة مختصة للنظر في القضايا المتلازمة وفقًا للمادة 1 من النظام الأساسي للمحكمة. وبناءً على طلب المدعي العام، يبقى الطلب الخاص بالقضايا المتلازمة وقرار قاضي الإجراءات التمهيدية بشأن التلازم سريّين، تجنّبًا للإخلال بالتحقيق وحمايةً للمتضررين والشهود المحتملين.
استنادًا إلى قرار قاضي الإجراءات التمهيدية بشأن التلازم، طلب الادعاء التنازلَ عن الاختصاص في هذه القضايا لصالح المحكمة. وفي 8 آب/أغسطس 2011، طلب مكتب المدعي العام إلى قاضي الإجراءات التمهيدية أن يصدر قرارًا يطلب فيه إلى السلطات القضائية اللبنانية الناظرة في قضايا حمادة وحاوي والمر أن تتنازل عن اختصاصها في هذه القضايا لصالح المحكمة، وأن تحيل إلى المحكمة نتائج تحقيقاتها وملفات هذه القضايا ذات الصلة. وفي 19 آب/أغسطس 2011، وافق قاضي الإجراءات التمهيدية على طلبات الادعاء. ونتيجة لقرارات التنازل، اكتسب مكتب المدعي العام اختصاصًا حصريًا للتحقيق في هذه القضايا وتقديمها إلى المحكمة. وفَتح ذلك فصلاً جديدًا في أعمال مكتب المدعي العام. وفي ذلك الوقت، اجتمع فريق من كبار المسؤولين في مكتب المدعي العام بالنائب العام لدى محكمة التمييز في لبنان والقضاة اللبنانيين المكلّفين بالنظر في القضايا الثلاث المتلازمة، لمناقشة تداعيات قرارات التنازل وشرحها.
عقب التنازل عن الاختصاص لصالح المحكمة، تكثّفت التحقيقات والتحليلات في القضايا الثلاث المتلازمة، وما أن يحصل مكتب المدعي العام على أدلة كافية، حتى يودع قرارات اتهام أخرى. وعملاً بالمادة 88 من القواعد، عقد مكتب المدعي العام عددًا من الاجتماعات مع قاضي الإجراءات التمهيدية لإطلاعه على الأدلة المتعلّقة بهذه القضايا.

5-                منازعات أخرى


واصل قسم الادعاء تولّي الدعوى المقدمة من قبل السيد جميل السيد، الذي طلب الكشف عن مواد يزعم أنها تشكّل جزءًا من المواد الثبوتية الموجودة في حوزة المدعي العام، بهدف المطالبة بالتعويض لدى المحاكم الوطنية. وشهدت السنة الماضية زيادةً في الأنشطة المتصلة بهذه القضية، حيث دأب المدعي العام على تقديم المذكرات إلى قاضي الإجراءات التمهيدية وغرفة الاستئناف. ونفّذ مكتب المدعي العام خطة عمل شاملة لامتثال القرارات الصادرة عن قاضي الإجراءات التمهيدية وغرفة الاستئناف بشأن الكشف عن مستندات معينة للسيد جميل السيد. وتهدف هذه الخطة على وجه الخصوص إلى إقامة توازن دقيق بين الشواغل المشروعة المتعلقة بحماية الشهود، من جهة، والكشف عن هذه المواد، من جهة أخرى.

6-                الإعلام والتواصل الخارجي


مثلما كان متوقعًا، أثار تقديم قرار اتهام سري وعملية تصديقه السرية خلال الجزء الأول من العام 2011 تساؤلات عديدة في الإعلام. ومن ثم كثرت الأخبار الخاطئة وساد سوء الفهم، وازدادت توقعات الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، فيما زادت المخاوف في صفوف بعض الأوساط. وهو ما طرح تحديًا مزدوجًا أمام مكتب المدعي العام لدى وضع استراتيجيته المتعلقة بالتواصل الخارجي للجزء الأول من الفترة المشمولة بالتقرير. فكان لا بد من تكييف أنشطة التواصل الخارجي مع القيود التي فرضتها سرية التحقيقات الجارية خلال الفترة التي لم يُصدَّق فيها بعد قرار الاتهام وكان لا يزال سريًا. إلا أنه وفي الوقت نفسه، كان لا بدّ من توفير المعلومات الكافية لضبط مستوى التوقعات.
وبعد تصديق قرار الاتهام والكشف عن جزء منه، برزت محاولات كثيرة للتشكيك في مصداقية مكتب المدعي العام وتحقيقه وعملية التحقيق عمومًا. وفي هذا السياق، حاول مكتب المدعي العام نقل رسالتين أساسيتين: أولاً أنّ العملية هي عملية قضائية، وإنّ المنبر الملائم للطعن في صحة التحقيق أو في الأدلة التي جُمعت نتيجةً لهذا التحقيق، هو محاكمة علنية تمتثل المعايير الدولية امتثالاً تامًا؛ وثانيًا أنّ مكتب المدعي العام يواصل متابعة كل الخيوط التي قد تساعد في التحقيق.
وبعد رفع السرية عن قرار الاتهام، تمحورت استراتيجية التواصل الخارجي في مكتب المدعي العام حول تيسير فهم الجمهور العام لقرار الاتهام ولعمل مكتب المدعي العام. ولهذا الغرض، قدّم مكتب المدعي العام لمحة عامة موجزة عن قرار الاتهام بشكل بيان صحفي، بموازاة الكشف عنه. وشارك أيضًا مكتب المدعي العام في أنشطة التواصل الخارجي التي نظّمها قلم المحكمة بهدف إطلاع محامين وقضاة ودبلوماسيين وعامة الجمهور على طريقة عمل المحكمة ومهمتها والقواعد والمبادئ التي تسترشد بها.

7-                النهج المستقبلي


وتنتهي في 29 شباط/فبراير 2012 أول ولاية للمحكمة، ومعها ولاية دانيال أ. بلمار كمدّع عام، بعد قراره عدم طلب إعادة تعيينه لولاية ثانية. وفي 29 شباط/فبراير 2012، عيّن الأمين العام للأمم المتحدة السيد نورمن فاريل بصفة المدعي العام الجديد للمحكمة.
وجاء تصديق قرار الاتهام ليؤكد وجود أدلة كافية لمحاكمة المتهمين. وقد شكّل ذلك، بالنسبة إلى مكتب المدعي العام، خطوة مهمة جدًا في التحقيق ومقاضاة الأشخاص المسؤولين عن الاعتداءات الداخلة ضمن اختصاص المحكمة. ولكن هذه خطوة غير كافية. فالمسيرة طويلة أمام مكتب المدعي العام قبل أن يتمكن من إنجاز مهمته المليئة بالتحديات.
ولمكتب المدعي العام أربعة أهداف رئيسية في السنة المقبلة:
الهدف الأول هو تعزيز الأدلة لاستيفاء معيار الإثبات المطلوب في المحاكمة، والتحضير للمحاكمة في قضية عياش وآخرين.
والهدف الثاني هو تحديد أشخاص آخرين قد يكونون مسؤولين عن اعتداء 14 شباط/فبراير 2005. وتشير المادة 3 من النظام الأساسي إلى أنّ من ضمن الأشخاص الذين يتحملون المسؤولية عن الجرائم الداخلة ضمن اختصاص المحكمة، الفاعل والمتدخل والشخص الذي ينظم الجريمة أو يوجه الآخرين لارتكابها، وأيضًا الرؤساء.
الهدف الثالث هو إحراز تقدم في إطار القضايا المتلازمة الثلاث ليتسنى تقديم قرارات اتهام في الاعتداءات التي استهدفت مروان حمادة وجورج حاوي وإلياس المر.
الهدف الرابع هو مواصلة التحقق من إمكانية "تلازم" أي اعتداءات أخرى مع اعتداء 14 شباط/فبراير 2005، بحسب ما تنص عليه المادة 1 من النظام الأساسي، بغية طلب التنازل عن الاختصاص فيها لصالح لمحكمة.
دال- مكتب الدفاع[4]

1-                مقدمة


مكتب الدفاع جهازٌ من أجهزة المحكمة يتمتع باستقلاليةٍ تامة. ومهامه الرئيسية "حمايةحقوق الدفاع،وتقديمالدعم والمساعدةلمحاميالدفاع ولمستحقيالمساعدةالقانونية، بمافيذلك، عندالاقتضاء،إجراء البحوثالقانونيةوجمع الأدلةوإسداءالمشورة،والمثول أمامقاضيالإجراءاتالتمهيديةأو إحدىالدائرتينبخصوص مسائلمعينة" (الفقرة 1 من المادة 13 من النظام الأساسي للمحكمة)، ويشكل مكتب الدفاع ضمانة أساسية لنزاهة الإجراءات وقرينة البراءة.
ولم تشهد الفترة المشمولة بالتقرير النشاط القضائي الذي كان يتوقعه مكتب الدفاع. فقد كانت هذه الفترة، من نواحٍ عديدة، سنة توطيد للجهود واستعداد مستمرّ للإجراءات. ومن جهةٍ أخرى، فعلى الرغم من أن الإجراءات لم تبدأ بزخم، شكّل تصديق قرار الاتهام الصادر بحق أربعة متهمين في قضية عياش وآخرين نقطة انطلاق الدعاوى القضائية. ومكتب الدفاع مكلّف مهمة حماية حقوق المتهمين في هذه الدعاوى، وهي مهمة بالغة الأهمية في غياب تعيين أي محامي دفاع لتمثيل المتهمين في هذه المرحلة. أما الجديد في الأمر وهو إمكانية إقامة إجراءات غيابية، فيعني استمرار مكتب الدفاع في التصدي لمسائل قانونية صعبة تقتضي منه إعادة النظر بجدّية في دوره ومهمته.
ويؤدّي مكتب الدفاع مهامه باستقلالية وبدون مراعاة الاعتبارات السياسية. وهو لا يمثل أي مشتبه بهم أو متهمين، بل يتولى مسؤولية تعيين محامين مستقلين لتمثيل هؤلاء الأشخاص. ويجوز له أيضًا المشاركة في الإجراءات، شفهيًّا وخطيًّا، بناءً على طلبٍ من الغرف أو من تلقاء نفسه (بموجب المادة 57، الفقرة (واو) من القواعد).

2-                تنظيم المكتب


لم تشهد الفترة المشمولة بالتقرير أي تغيير في الهيكل التنظيمي لمكتب الدفاع عمّا كان عليه في فترة التقرير السنوي السابق. وعقب اعتماد نظام المعونة القضائية (انظر أدناه)، أُنشئت عمليًا وحدة المعونة القضائية وفقًا لما نصّت عليه المادة 37 من المبادئ التوجيهية الخاصة بنعيين محامي الدفاع، وتتألّف هذه الوحدة من رئيس الوحدة (ويضطلع بمهام هذه الوظيفة مدير مكتب الدفاع)، وموظف إداري يتولّى مسؤولية الشؤون الإدارية اليومية. وفي نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، عُيّن موظفان إضافيان، هما موظف ارتباط يقدم الدعم إلى مكتب الدفاع ومحامي الدفاع في لبنان، ومستشار قانوني متخصص في القانون اللبناني لقسم المشورة القانونية التابع لمكتب الدفاع. وفي نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، بلغ عدد موظفي مكتب الدفاع عشرة موظفين يعملون في أربع وحدات مختلفة، وهي: وحدة الإدارة، وقسم المشورة القانونية، ووحدة المعونة القضائية، ووحدة الدعم التنفيذي.
وتلقّى فريق الموظفين المساعدة من عدد من المتدربين الذين دعموا المكتب في سير أعماله والذين قدِموا إلى لايدسندام من بلدان مختلفة، بما فيها لبنان والعراق وفرنسا وهنغاريا وهولندا والولايات المتحدة الأميركية.

3-                المشاركة في الأنشطة القضائية


في الفترة المشمولة بالتقرير، شارك مكتب الدفاع في العديد من الإجراءات التمهيدية المُقامة أمام قاضي الإجراءات التمهيدية وغرفة الدرجة الأولى، ومنها تلك التي أُقيمت عملاً بالمادة 10 من القواعد، والتي طُلب فيها إلى مكتب الدفاع إيداع ملاحظاته بشأن استخدام اللغات في قضية عياش وآخرين. ودُعي مكتب الدفاع أيضًا إلى تقديم ملاحظاته بشأن تحديد ما إذا كان يتعيّن على غرفة الدرجة الأولى الشروع في إجراءات المحاكمة الغيابية.
وفي إطار الإجراءات التي تتولاها غرفة الدرجة الأولى وفقًا للمادة 106 من القواعد للفصل في مسألة جواز الشروع في إجراءات المحاكمة الغيابية، قرّر مكتب الدفاع تعيين محامين مناوبين لغرض حماية حقوق المتهمين. ولم تقبل غرفة الدرجة الأولى الأساس القانوني لتعيين محامي الدفاع المناوبين (بسبب عدم استشارة المتهمين قبل التعيين)، إلا أنها أجازت لهم المشاركة في الجلسة الشفهية وتقديم ملاحظاتهم الخطية بصفتهم أشخاصًا عيّنهم رئيس مكتب الدفاع عملاً بالمادة 57، الفقرة (واو) من القواعد. ورفض مكتب الدفاع هذا الاقتراح واستمرت الإجراءات بشأن الشروع في الإجراءات الغيابية بدون مساهمة محامي الدفاع المناوبين الذين يمثّلون مصالح المتهمين.
ويستمرّ مكتب الدفاع في تقديم الدعم إلى محامي السيد جميل السيد في إطار جهوده الرامية إلى الحصول على المعلومات.

4-                الإطار التنظيمي


في بداية الفترة المشمولة بالتقرير، اعتمد رئيس المحكمة توجيهًا عمليًا لدور رئيس مكتب الدفاع. ويتضمّن هذا المستند توجيهات بشأن ممارسة رئيس مكتب الدفاع حقه في أن يجري الاستماع إليه وكذلك ممارسة مكتب الدفاع حقه في الاطلاع على المذكرات التي يودعها الفرقاء.
وفي الفترة المشمولة بالتقرير، أُنجز أيضًا عددٌ من المشاريع المتعلّقة بمحامي الدفاع. وكان أحد أبرز تلك المشاريع اعتماد نظام المعونة القضائية لمكتب الدفاع، وذلك بعد التشاور مع رئيس المحكمة ورئيس قلمها، ورهنًا باستعراض لجنة الإدارة للآثار المالية والإدارية التي تترتب عليه. وأعدّ مكتب الدفاع وثيقة أخرى تنظّم عملية تقديم المساعدة المالية، وهي نظام دفع مصروفات السفر وبدلات الإقامة للدفاع. ويحدّد هذان النظامان المعايير والمستحقات وقيمة الأتعاب والإجراءات ذات الصلة بمحامي الدفاع المعيّنين لتمثيل المتهمين غير المقتدرين ماديًّا بصورةٍ كاملة أو جزئية، وكذلك لتمثيل المتهمين في الإجراءات الغيابية. ويستند هذان النظامان إلى مبدأي تكافؤ وسائل الدفاع والاقتصاد في النفقات القضائية. وقد أنجز مكتب الدفاع أيضًا صياغة عقد تقديم الخدمات القانونية الذي يتعين على جميع المحامين المعيّنين الدخول فيه.
وشارك مكتب الدفاع أيضًا في إعداد مبادىء السلوك المهني للمحامين أمام المحكمة، وقد اعتُمدت هذه المبادىء في الفترة المشمولة بالتقرير. واقترح مكتب الدفاع وثيقةً إضافية، وهي مبادىء السلوك المهني لمحامي الدفاع، التي تبيّن بمزيد من التفصيل الالتزامات الأخلاقية لمحامي الدفاع وتحدّد الإجراءات التأديبية الملائمة. ووفقًا لالتزاماته بشأن ضمان مراعاة التمثيل القانوني للمشتبه بهم والمتهمين للمعايير المعترف بها دوليًا، عمل مكتب الدفاع على إعداد نظام للتمثيل الفعال يتوخى أن يصبح جزءًا من مبادىء السلوك المهني لمحامي الدفاع.
واقترح مكتب الدفاع إدخال مجموعة من التعديلات على القواعد وعلّق على التعديلات التي اقترحتها الأجهزة الأخرى.

5-                قائمة محامي الدفاع


لا يزال المجال مفتوحًا أمام الراغبين في الانضمام إلى قائمة محامي الدفاع. ويشكّل حق المتهم في أن يُمثّله محامٍ من اختياره حقًا أساسيًا. ولكن لا بد من التمييز بين المتهم الذي يدفع تكاليف دفاعه والمتهم الذي يتلقى معونة قضائية لتسديد تكاليف دفاعه. ففي إطار نظام المعونة القضائية، تخضع حرية الاختيار لدرجة من التقييد ضمانًا لنوعية التمثيل وسلامة إنفاق الأموال العامة. لذا، يحتفظ مكتب الدفاع بقائمة بأسماء محامي الدفاع (يُشار إليها فيما يلي باسم "القائمة") لغرض تعيينهم في إطار المعونة القضائية، الذي يشمل الإجراءات الغيابية.
وفي إطار عملية القبول في قائمة محامي الدفاع تُجرى مقابلة لمقدم الطلب تتولاها لجنة مؤلفة من ثلاثة محامين، منهم رئيس مكتب الدفاع. وفي الفترة المشمولة بالتقرير، تسلّم مكتب الدفاع29 طلبًا جديدًا وأجرت اللجنة 28 مقابلة. ونتيجةً لذلك، أُدرجت في القائمة أسماء 27محاميًا، يمكن أن يختار من بينهم 21 محاميًا كمحامين رئيسيين وستة محامين كمحامين معاونين. وفي أثناء الفترة المشمولة بالتقرير، انسحب محامٍ واحد من القائمة.
وفي نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، ضمت قائمة محامي الدفاع 132 محاميًا يمارسون مهنة المحاماة في 26 ولاية قضائية وطنية مختلفة. وتضم القائمة ثمانية محامين لبنانيين، وهذا يمثّل تحسّنًا تدريجيًا مقارنة بالسنوات الماضية.
وفي إطار الجهود الرامية إلى ضمان أن تتوفر في المحامين المُدرجة أسماؤهم في القائمة المؤهلات والكفاءة المطلوبة بحسب معايير عالية، نظّم مكتب الدفاع دورةً ثالثةً للتدريب الإلزامي لجميع المحامين في آذار/مارس 2011. وهذا التدريب الذي قدّمت المفوضية الأوروبية جزءًا كبيرًا من تمويله، استهدف ضمان أن يكون جميع المحامين المُدرجة أسماؤهم في القائمة على معرفة بالنظام الأساسي للمحكمة وقواعدها، وركّز بصورة خاصة على الجوانب التي تتميّز بها المحكمة، مثل مشاركة المتضررين في الإجراءات، والنظر في جريمة الإرهاب، وإمكانية إقامة محاكمات غيابية.

6-                الاستعداد لتعيين المحامين


في الفترة المشمولة بالتقرير، أُنجزت الاستعدادات لتوفير ما يلزم من مرافق ودعم ومساعدة لمحامي الدفاع، وذلك في أكثر الأحيان بتعاونٍ وثيقٍ مع رئيس قلم المحكمة وموظفيه. وعملت وحدة المعونة القضائية بهمّة استعدادًا لإدارة المعونة القضائية، وقد ضمّ ذلك إجراء مناقشات مُفصّلة مع الزملاء في قلم المحكمة فيما يتعلّق بالميزانية والمالية والسفر والموارد البشرية. وفيما يتعلّق بالمرافق، نفّذت أعمال الاستعداد لتزويد الدفاع بالمكاتب، وبشبكة معلوماتية منفصلة، وخدمات أخرى في مجال تكنولوجيا المعلومات لضمان أمن المعلومات.

7-                أنشطة الإعلام والعلاقات العامة والتواصل الخارجي


في الفترة المشمولة بالتقرير، واصل مكتب الدفاع أنشطته في مجال العلاقات العامة. فقد عقد اجتماعي طاولة مستديرة مع محامين في لبنان، بتعاونٍ وثيقٍ مع وحدة المتضررين المشاركين في الإجراءات التابعة لقلم المحكمة ومع نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس. وأوفد مكتب الدفاع بعثات أخرى إلى لبنان، ركّزت على العلاقة مع الأطراف المعنية الحكومية وغير الحكومية. وبعد تصديق قرار الاتهام، سافر رئيس مكتب الدفاع إلى لبنان للتحدّث إلى وسائل الإعلام بشأن عدد من المجالات الأساسية. وشارك مكتب الدفاع أيضًا في مؤتمر عُقد في لبنان بشأن العدالة الجنائية الدولية. وبفضل البعثات التي يوفدها إلى لبنان، يحافظ مكتب الدفاع على علاقة بعددٍ من كليات الحقوق اللبنانية التي يتعاون معها. وأوفد مكتب الدفاع إلى لبنان آخر بعثة له في الفترة المشمولة بالتقرير، وذلك في نهاية الفترة، لإطلاع الأطراف المعنية ووسائل الإعلام على التطورات الراهنة التي تتعلّق بعمل الدفاع في إطار قضية عياش وآخرين. وإضافةً إلى ذلك، أجاب رئيس مكتب الدفاع في 24 كانون الثاني/يناير 2012 عن أسئلة الجمهور على موقع تويتر.

8-                أنشطة المشورة القانونية


إلى جانب دعم الأنشطة المدرجة تحت عنوان "المشاركة في الأنشطة القضائية"، تابع قسم المشورة القانونية استعداداته لدعم محامي الدفاع في الإجراءات القضائية القادمة. والقسم مستمّر في إعداد مذكرات قانونية، وقد وفّر القرار التمهيدي الصادر في 16 شباط/فبراير 2011 بشأن المسائل الأوّلية (المادة 176 مكرّر من القواعد) المزيد من الإرشادات بشأن المشاريع المقبلة. وتلك المذكرات القانونية ستمكّن محامي الدفاع من تمثيل موكليهم على نحو أفضل، وستساعد القضاة في تحقيق العدالة بإنصاف وفعالية، وذلك لأنها تحسّن الاستعداد للمحاكمات ونوعية المستندات التي تقدم إلى المحكمة. ومن الأنشطة الأخرى التي اضطلع بها قسم المعونة القضائية المساهمة في إعداد كل المستندات التنظيمية، وتحضير ملاحظات مكتب الدفاع في إطار قضية عياش وآخرين.

9-                النهج المستقبلي


أما الآن، وقد صدر قرار غرفة الدرجة الأولى بشأن الشروع في الإجراءات الغيابية، فإن مكتب الدفاع سيركّز جهوده على تقديم الدعم والمساعدة إلى محامي الدفاع. ويتعيّن على مكتب الدفاع إعادة النظر في دوره في الإجراءات، بعد أن يحتلّ محامو الدفاع مكانة الصدارة على منصّة المحامين.
وسوف يواصل مكتب الدفاع، من مقعده الخلفي، العمل مع أجهزة المحكمة الأخرى لضمان فهم حقوق الدفاع وحمايتها بصورةٍ ملائمة. وعندما تُثار مسائل مشتركة، يتولّى مكتب الدفاع هذه المسائل ويعالجها على المستويات المناسبة. وسيتطور أيضًا دور مكتب الدفاع تطورًا يسير في اتجاه الإشراف على أداء محامي الدفاع.
ومن المهم جدًا إبقاء الجمهور اللبناني على علم بما يستجد في مرحلة الإجراءات التمهيدية ومرحلة المحاكمات. وسيركّز مكتب الدفاع أنشطته على نشر المعلومات المتعلّقة بعمل محامي الدفاع ودورهم، خاصة في المحاكمات الغيابية.
وسيكون نظام المعونة القضائية موضع اختبار وكذلك قدرة قسم المشورة القانونية على تقديم الدعم إلى عدد من فرقاء دفاع التي تختلف أولوياتها. ونظرًا إلى حاجة محامي الدفاع في المستقبل إلى الحصول على المعلومات، فإن مكتب الدفاع سيعمل مع السلطات اللبنانية على تنفيذ مذكرة التفاهم بشأن التحقيقات التي يضطلع بها الدفاع. وعلاوةً على ذلك، سيلتمس مكتب الدفاع تعاون الدول الأخرى عند الاقتضاء.
وبوجهٍ عام، فإن محامي الدفاع وفرقاءهم سوف يضطلعون بأعمال تحضيرية، وتحقيقات في الوقائع، وسوف يتخذون كل الخطوات اللازمة لحماية حقوق المتهمين.

الجزء الثالث: الاستنتاجات


ألف- دور المحكمة


استعرض الرئيس كاسيزي في تقريره السنوي الثاني ثلاثة أهداف أساسية للمحكمة، نعيد التأكيد عليها في هذا التقرير. الهدف الأول هو متابعة التحقيقات التي بدأتها لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة (المشار إليها فيما يلي بعبارة "لجنة التحقيق")، والحرص على تحديد هوية الأشخاص المزعوم ارتكابهم الجرائم الداخلة ضمن اختصاص المحكمة ومحاكمتهم محاكمةً عادلة وسريعة. وهو ما يستوجب توفير الحماية الدقيقة للمصالح المشروعة للمتهمين والمشتبه بهم، بما يشمل الحقوق التي تنصّ عليها المادتان 15 و16 من النظام الأساسي. ومع مراعاة الشرط المطلق المتمثل في إجراء محاكمة عادلة، يجب أن تؤخذ في الاعتبار مصالح المتضررين (المادة 17) وأن تُبذَل العناية الواجبة لتجنّب أي تأخير غير مبرر. وتتسم مهمة المحكمة بأهمية بالغة، ليس فقط لأنّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد اعتبر اعتداء 14 شباط/فبراير 2005 تهديدًا للسلام والأمن الدوليين، بل أيضًا لأنّ الشعب اللبناني التمس مساعدة المجتمع الدولي للكشف عن الحقيقة بشأن الاعتداءات. ونشأ هذا الطلب عن الرغبة المشتركة بين جميع المواطنين اللبنانين في وضعَ حد للجرائم الإرهابية التي ابتلي بها تاريخهم الحديث، وإبلاغ صوت المتضررين من هذه الاعتداءات.
ويتمثل الهدف الثاني في مساعدة الشعب اللبناني على تقبّل العواقب الوخيمة للاغتيالات، ومساعدة اللبنانيين عمومًا على استعادة ثقتهم بسيادة القانون في بلد استخدمت فيه الاغتيالات كتقنية من التقنيات السياسية. وبلوغًا لهذا الهدف، يكمن دور المحكمة في المساهمة في وضع حدّ للإفلات من العقاب. وتتعدى مسؤولية المحكمة مجرد الفصل في القضايا المطروحة أمامها بأمانة؛ فمن خلال محاكمة المتهمين والتزام قرينة البراءة، تثبت المحكمة أنّ هذه الخطوات أساسية من أجل التخلّي عن وسائل العنف التي اعتمدت في الماضي، وحلّ النزاعات السياسية بالطرق المشروعة بدلاً من القوة. وفي هذا الصدد، يساهم الطابع الدولي للمحكمة في فصل العمل القضائي عن الصراعات السياسية المحلية، ما يسهم في تشكيل رؤية بعيدة الأمد تكرّس الحاجة إلى العدالة كركيزة للسلام.
أما الهدف الثالث، فيتمثل في تحقيق العدالة، ليس فقط العدالة المنصفة بل العدالة السريعة أيضًا. فالنظام الأساسي للمحكمة الخاصة ينص صراحةً على أنه على المحكمة:"أن تحصر المحاكمة الابتدائية وإجراءات الاستئناف وإجراءات إعادة النظر في جلسات استماع سريعة للمسائل التي يثيرها كل من التهم، أو أسباب الاستئناف أو إعادة النظر. وعلى المحكمة أن تتخذ تدابير صارمة للحيلولة دون أي إجراء من شأنه أن يتسبّب في تأخير غير مبرر". (المادة 21، الفقرة (1) من النظام الأساسي؛ أنظر أيضًا المادة 28، الفقرة (2)). وقد صيغت القواعد، وبخاصة القاعدة 130 (التي تمكّن غرفة الدرجة الأولى، وأيضًا غرفة الاستئناف من خلال المادة 176، الفقرة (باء)، من أن تعطي التوجيهات لضمان محاكمة عادلة ومجردة وسريعة) صياغةً تراعي هذا الشرط. ومع ذلك، ينبغي التشديد على أنّ المحاكمة "السريعة" لا تعني المحاكمة "الملائمة"؛ فبينما تشير المادة 21، الفقرة (1) إلى وجوب تجنّب "أي تأخير غير مبرر"، فإنها لا تقلّل من أهمية واجب المحكمة المطلق بإجراء محاكمة عادلة، وبحماية حقوق كل متهم حمايةً كاملة، كما تنصّ عليه صراحةً المادة 21، الفقرة (2) (ضرورة ضمان محاكمة عادلة).
وانطلاقًا من هذه الاعتبارات، ينبغي لنا أن نعدّ تقييمًا نزيهًا لأدائنا بعد ثلاث سنوات من العمل.

باء- لمحة عامة عن التقدم المُحرز


بعد تحقيقات دامت سبع سنوات، تولّتها في السنوات الأربع الأولى لجنة التحقيق، تمكّنت غرفة الدرجة الأولى في 1 شباط/فبراير 2012، أي بعد مضي 35 شهرًا على بدء نشاط المحكمة، من إصدار قرارها حول وجوب محاكمة المتهمين الأربعة في قضية عياش وآخرين غيابيًا. وبعد مصادقته على قرار الاتهام، ينظر الآن قاضي الإجراءات التمهيدية في مسائل قانونية مختلفة تتعلق بالاجراءات التمهيدية. وستنظر أيضًا غرفة الاستئناف في أي استئنافتمهيدي بدون تأخير. ويعمل قاضي الإجراءات التمهيدية وفريقه جاهدين من أجل تسوية عدة مسائل أخرى متصلة بهذه القضية، بما فيها مشاركة المتضررين والكشف عن المستندات ذات الصلة للدفاع وإعداد ملف القضية.
وجميع القضاة قد تسلموا مهامهم الآن. ورغم اختيار القضاة في كانون الأول/ديسمبر 2007، لم يعيَّنوا رسميًا قبل آذار/مارس 2009. وفي تلك المرحلة، انتقل ثلاثة قضاة، هم الرئيس كاسيزي ونائب الرئيس الرياشي وقاضي الإجراءات التمهيدية فرانسين، إلى مقر المحكمة في لايدسندام. أما القضاة الآخرون، وهم ثلاثة إضافةً إلى الرئيس ونائب الرئيس في غرفة الاستئناف وأعضاء غرفة الدرجة الأولى الخمسة، فلم يتسلموا مهامهم حتى شهر أيلول/سبتمبر 2011، ولم يتلقوا راتبًا إلا مقابل ما يقضونه من وقت للعمل في مشاريع محدّدة لصالح المحكمة.
وفي الفترة المشمولة بالتقرير، أحرز أيضًا مكتب المدعي العام ومكتب الدفاع وقلم المحكمة تقدمًا هامًّا على درب إنجاز ولاية المحكمة. فمكتب المدعي العام واصل تحقيقاته في الجرائم التي اعتبر قاضي الإجراءات التمهيدية أنها تدخل ضمن اختصاص المحكمة، وتوصل هذا الأخير إلى الاقتناع بوجود تلازم بينها وبين ثلاث اعتداءات محددة الهدف نُفذت في بيروت في الفترة الممتدة بين 1 تشرين الأول/أكتوبر 2004 و12 كانون الأول/ديسمبر 2005، فقرر أن المحكمة صاحبة اختصاص للنظر فيها. وعليه، سعى مكتب المدعي العام إلى اكتساب الصلاحية في ملاحقة هذه القضايا واكتسبها فعلاً. وبلغ المكتب مرحلة متقدّمة في التحضير للمحاكمة في قضية عياش وآخرين.[5] أما مكتب الدفاع، فتركز عمله على مقابلة المحامين وقبولهم في قائمة محامي الدفاع، وتدريبهم لضمان تمثيل المتهمين أمام المحكمة وفقًا لأعلى معايير العدالة الدولية. أما أقسام قلم المحكمة، وبخاصة قسم الخدمات الإدارية للمحكمة، وقسموحدة مشاركة المتضررين، وقسم وحدة الشهود والمتضررين، وقسم اللغات، وقسم العلاقات العامة، وقسم التواصل الخارجي، فلم تدخر جهدًا من أجل دعم جميع أعمال المحكمة، والتحضير لبدء أنشطة المحاكمة.
وبعد إجراءات مضنية، طلب القضاة الكشف عن فئات معيّنة من المستندات للسيد جميل السيد، وهو أحد الضباط الأربعة الذين احتجزتهم السلطات اللبنانية في إطار اعتداء 14 شباط/فبراير 2005، وأُفرج عنهم بموجب قرار صدر عن المحكمة فور مباشرتها أعمالها.

جيم- التوقعات للسنة الرابعة من أعمال المحكمة


في السنة الرابعة من أعمال المحكمة (1 آذار/مارس 2012 – 28 شباط/فبراير 2013)، يُتوقَّع من المحكمة أن تشرع في إجراءات محاكمة المتهمين الأربعة في قضية عياش وآخرين، والتحضير للنظر في التهم في أي قضية أخرى استنادًا إلى ما يتوفر لها من أدلة أولية. وستتواصل التحقيقات لتحديد مشتبه بهم ومتهمين جدد في القضايا المشمولة باختصاص المحكمة. وعلى السلطات اللبنانية أن تضاعف جهودها للبحث عن المتهمين وتوقيفهم واحتجازهم ونقلهم إلى المحكمة. ولا شيء يمنع السلطات القضائية المحلية أيضًا من التحقيق في جرائم أخرى تدخل ضمن نطاق اختصاصها ومقاضاة المسؤولين عنها، ومن التماس تعاون المحكمة، عند الاقتضاء.
وتحقيقًا للأهداف الآنفة الذكر، تكتفي المحكمة بتوظيف ما يلزمها من أفراد لتلبية احتياجاتها، وتتجنب تكبد أية نفقات لا يقتضيها تحقيق هذه الأهداف بإنصاف وسرعة.
وستعمل المحكمة كذلك على تعزيز علاقاتها العامة، وبخاصة على صعيد برامج التواصل الخارجي. وهذا الجانب ضروري، فدعم عمل المحكمة والنقد المستنير، كأداة قيمة تساعد في تحسين عملنا، يتوقفان على نشر المعلومات الدقيقة لعامة الجمهور.

دال- ملاحظات نهائية


على مرّ الأشهر الاثني عشر الأخيرة، استطاعت المحكمة، بفضل ما تلقته من دعم حيوي من الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي، أن تتخطى سلسلة من العقبات التي واجهت مهمتها المتمثلة في تحقيق العدالة المنصفة والسريعة. وعلى الرغم من الشعور بالأسى الشديد الذي خلّفه فقدان شخصيات أساسية في المحكمة، فإن ذلك لم يؤثر في كفاءة المؤسسة برمتها ولم يقلل من حيويتها. ثم إن الأعضاء الجدد في المحكمة، من موظفين وقضاة، سرعان ما يندمجون ضمن فريق متماسك، تحدو أفرادَه إرادةٌ قوية لإنجاز ولاية المحكمة بكل مهنية.
والمحكمة الخاصة بلبنان مؤسسة مؤقتة وانتقالية. وإننا مصمّمون على إنجاز مهمتها بسرعة، بما يكفل تقليص أنشطتنا القضائية تدريجيًا وبما يسمح للبنان باستئناف مسيرته على درب استعادة ثقته الكاملة بسيادة القانون. وغايتنا الأسمى، التي تتضمن الأهداف الثلاثة المذكورة آنفًا، هي مساعدة لبنان في التزام سيادة القانون والقضاء على الإفلات من العقاب. ودورنا المتمثل في خدمة لبنان، إنما ينبع من ممارسة هذا البلد لحقه السيادي في طلب المساعدة من الأمم المتحدة خلال مرحلة دقيقة من تاريخه. وما أن تمر هذه المرحلة القصيرة والاستثنائية، حتى يطوي لبنان صفحة هذه الحقبة المضطربة من تاريخه، فيستعيد ماضيه القديم كمهدٍ للقانون المدني الحديث، ويتفرغ للنظر إلى المستقبل. ومن شأن صلابة الأوساط القانونية والأكاديمية في لبنان السماح لإقامة العدل فيه باستعادة الاستقرار اللازم من أجل مستقبل آمن في البلاد. فعلينا أن نثبت أنّ الإرهاب لن يمر دون عقاب، وأنّ الطريقة السليمة الوحيدة لمحاربته هي إجراءات قضائية عادلة وسريعة، تلتزم التزامًا صارمًا بالحق في إقامة محاكمة عادلة وبمبدأ قرينة البراءة.
إنّ مراهنة لبنان والمجتمع الدولي على العدالة وعلى المحكمة الخاصة بلبنان بدأت تعطي نتائج. فبفضل ما أبداه لبنان وجهات فاعلة دولية أخرى من تصميم ودعم قوي، استطعنا أن نؤمن التعاون ونضمن التمويل ونوسّع أنشطتنا لتشمل القضايا المتلازمة، فاكتملت بذلك كل العوامل التي تسمح بإنجاز مهمتنا.

No comments:

Post a Comment